اكتشف العلماء باستخدام التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي أن التحول الثابت والمستمر من نشاط إلى نشاط آخر يؤدي بشكل فعال إلى تدمير بعض الوظائف العليا للمخ، خاصة تلك الوظائف التي تتعلق بالذاكرة والتعلم. في الغالب يمكننا أن نتعامل مع مهمتين أو تناول شيئين فقط في آن واحد، ولكننا لا نستطيع أن نتذكر ما قمنا بعمله ولا كيف نفذناه ولا السبب في عمل ذلك، وتشير بعض الدراسات إلى أن تعددية الوظائف تزيد من إفراز الهرمونات ذات الصلة بالإجهاد مثل الأدرنالين والكورتزون مما يتسبب في الشيخوخة المبكرة من خلال ما يطلق عليه الاحتكاك البيوكيميائي.

الثروة أم السلطة؟

حتى لا تدخل في متاهة تعدد الوظائف عليك أن تختار وتحدد ماذا تريد منذ البداية، فاذا كنت تبحث عن الثروة فعليك بالتوجه إلى التجارة وهذا بدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم: “تسع أعشار الرزق في التجارة”، أما إذا كنت تبحث عن السلطة والمكانة الاجتماعية المرموقة فعليت بالتوجه نحو الوظيفة، ولن تستطيع أن تحقق الثروة من الوظيفة إلا إذا كنت فاسدا، وبالتالي الاختيار يجب ان يتحدد منذ البداية حتى لا ترهق نفسك في التخبط بين الكثير من النشاطات المختلفة (تجارية وعلمية) والتي تعمل بدورها على تدمير العقل.

وظيفة واحدة لا تكفي لسد حاجياتك… اليك الحل

إذا كان تعدد الوظائف وكثرتها يدمر العقل، اذن ماذا نفعل في عصر أصبحت فيه الوظيفة الواحدة لا تكفي لسد متطلبات الحياة وحاجياتها المختلفة؟ هو سؤال يتبادر إلى ذهن القارئ لهذا المقال، نعم الحل بسيط ويستطيع أن يخرجك من هذا المأزق، وهو يتمثل في ممارسة مهام مكملة لبعضها البعض ولا تخرج من الميدان الأصلي الذي تشتغل فيه، واليك هذا المثال التوضيحي، إذا كنت تشتغل كأستاذ فمن الأفضل ان تختار تقديم دروس الدعم باعتبارها تسير في نفس المنحى (العلم والمعرفة) وهذا ما يقلل من عملية الاجهاد العقلي، أي لا ينبغي أن تمارس نشاط فلاحيا أو تجاريا لأنك ستنتقل إلى ميدان آخر يختلف تماما عن الميدان الأول، وهذا يسبب اجهاد كبير للعقل مما يؤثر عليه سلبا.

أما العلاج الأمثل لمشكلة التعدد هو القناعة، فالقناعة كنز لا يفنى، وهي الترياق لمن أراد السعادة والعيش في توازن وسلامة عقلية وبدنية، فابن آدم لو أوتي نهران من ذهب لطمع في الثالث أو كما قال صلى الله عليه وسلم.