مقتطفات دينية : النية ليست باللسان وإنما محلها القلب … وسببا من أسباب قبول الأعمال

مقتطفات دينية : النية ليست باللسان وإنما محلها القلب … وسببا من أسباب قبول الأعمال

يفهم الكثير من الناس النية بشكل خاطئ، فيظن البعض أن النية هي قول، ويظن الأخر أنه إذا نوي نية حسنة وقام بفعل معصية فهذا يجزي عن ذاك، ولكن حقيقة الأمر مختلفة كثيرا عن ذلك، فالنية ليست قول، والنية الحسنة لا تغفر المعصية التي قام بها الفرد، ولكن النية شيء أسمي من هذا وذاك، شيء يحسه المؤمن المتعلق قلبه بالله عز وجل.

  • حقيقة النية

النية ليست قول القائل بلسانه : ” نويت “، بل هي انبعاث القلب يجري مجري الفتوح من الله، أي إن النية محلها القلب وليس اللسان، فقد يتعذر علي المرء أن ينوي، وقد تأتي له النية سهلة سائغة، فمن كان قلبه متعلق بالله ومحب فعل الخيرات، يسرت له النية، ومن كان قلبه متعلق بالدنيا ومقبلا علي المعاصي، تعذر عليه الوصول لها.

فعن عمر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول :” إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل إمرئ ما نوي، فمن كانت هجرته إلي الله ورسوله، فهجرته إلي الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلي دنيا يصيبها أو إلي إمرأة ينكحها، فهجرته إلي ما هاجر إليه”

  • شرح الحديث

روي عن الشافعي أنه قال :” هذا الحديث ثلث العلم ”

قوله ” إنما الأعمال بالنيات ” أي أن قبول الأعمال حتي وإن كانت متوافقة مع سنة الحبيب، فلا بد أن ترتبط بالنية الصالحة، وهو كقوله صلي الله عليه وسلم :” إنما الأعمال بالخواتيم “، فهذه قاعدة من قواعد الدين الحنيف.

قوله ” وإنما لكل إمرئ ما نوي ” ليس تكرار للقاعدة الأولي، ولكنها اعدة جديدة يرسيها لنا الرسول صلي الله عليه وسلم، والأصل في الشرع التأسيس، والمعني أن الثواب علي قدر النية.

وقوله ” فمن كانت هجرته إلي دنيا يصيبها أو إلي إمرأة ينكحها، فهجرته إلي ما هاجر إليه “، فهذا مثال من الرسول علي النيات الفاسدة، لكل الأعمال التي صورتها واحدة، ففي الهجرة لله ورسوله أعاد النبي تكرار الله ورسوله لتعظيم أمر هذه النية، وليتلذذ المرأ بذكر الله ورسوله، أما في النيات الفاسدة فلم يكررها الرسول لتحقيرها ولدنو شأنها.

قد يظن البعض أن قوله ” إنما الأعمال بالنيات ” أنه إذا فعل معصية وكانت نيته صالحه، أنه لا يجازي علي هذا العمل، ولكن هذا الأمر غير صحيح بالمرة، فالنية الصالحة مرتبطة بالطاعات والمباحات دون المعاصي.

  • فضل النية

قال الله تعالي : ” واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغدوات والعشي يريدون وجهه “، والمراد بتلك الإرادة النية، وفي حديث أنس رضي الله عنه، أن رسول الله صلي الله عليه وسلم رجع من غزوة تبوك فدنا من المدينة فقال :” إن بالمدينة أقواما ما سرتم من مسيرا ولا قطعتم واديا إلا كانوا معكم ” قالوا : يا رسول الله وهم بالمدينة ؟ قال : ” وهم بالمدينة حبسهم العذر “فشركوا بالأجر بحسن النية.

قال بعض السلف : رب عمل صغير تعظمه النية، ورب عمل كبير تصغره النية .

قال يحي بن كثير : تعلموا النية فإنها أبلغ من العمل .

قال بعضهم : تجارة النيات تجارة العلماء، والمعني أن العلماء هم الذين يعلمون كيف يربحون من الله.

  • النيات المتعددة للعمل الواحد

فأي عمل تقوم به يحتوي علي الكثير من النيات، مثلا ذهابك للمسجد يحتوي العديد من النيات ، فنيتة مقابلة الله عز وجل، ونية الصلاة، ونية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ونية الذكر، ونية مجالسة العلماء والاستفادة منهم، ونية صلاة الجماعة التي هي خير من صلاة الفرد بسبع وعشرين درجة.

إذا أي عمل تقوم به له العديد من النيات الصالحة، فالطاعة إذا كانت النية صالحة تفاقم الأجر، أما إذا كانت النية رياء انقلبت الطاعة لمعصية، أما المباحات فإذا كانت النية صالحة أصبحت طاعة وعظم أجرها، أما إذا كانت النية فاسدة أصبحت معصية وزاد وبالها.

  • الخلاصة

الأمر ليس سهلا علي كل الناس، لا بد من الارتباط بالله ورسوله حتي يتيسر لك أمر النية، فالنية سببا من أسباب قبول الأعمال عند الله عز وجل، لا بد لنا من الإقتراب أكثر من الله، والتقرب له عن طريق الطاعات، والبعد عن المعاصي.

فاللهم ارزقنا النية الصالحة، فهذا ما قدمته لكم من فضل الله وكرمه، فما كان من صواب فمن الله، وما كان من سهو فمني ومني الشيطان، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *