الإمارات : تغير المناخ يؤثر على الصناعات الإماراتية

لم يتمكن مجتمع دولة الإمارات العربية المتحدة واقتصادها من البقاء على قيد الحياة فحسب، بل أيضا في ظل ظروفها البيئية القاسية التي لا تزال طبيعية، وندرة المياه، والحرارة الشديدة، ولكن إذا استمرت درجات الحرارة العالمية في الارتفاع، فإن التقلب المتزايد للمناخات والأنماط التي لا يمكن التنبؤ بها من الأحداث المتطرفة التي ستتبعها يمكن أن يتجاوز في نهاية المطاف القدرة على التكيف لدى العديد من القطاعات الصناعية في البلد، ووفقا لتقرير أصدرته جمعية الإمارات للحياة الفطرية والصندوق العالمي للحياة البرية (إوس-ووف)، فإن تغير المناخ في الإمارات العربية المتحدة: المخاطر والقدرة على الصمود، الذي سيصدر في آذار / مارس 2017، فإن زيادة بنسبة 2 في المائة في درجة الحرارة العالمية بحلول عام 2050 ستؤدي إلى خسائر فادحة على الأقل وهو ما يمثل اثني عشر قطاعا في مختلف أنحاء دولة الإمارات العربية المتحدة.

تغير المناخ في الإمارات :

وقال التقرير إن “جهود دولة الإمارات العربية المتحدة نحو تحقيق التنويع الاقتصادي والرفاهية العامة للسكان ستتباطأ بسبب آثار تغير المناخ إذا لم تتم إدارتها”، يأتي إصدار التقرير بعد أشهر من صدق دولة الإمارات العربية المتحدة على التزامها باتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ للحد من إنتاج الكهرباء من الوقود الأحفوري من خلال دمج مزيج الطاقة المتجددة بنسبة 27 في المائة بحلول عام 2021.

 

كما كانت دولة الإمارات العربية المتحدة أول دولة من دول مجلس التعاون الخليجي التي صدقت على اتفاقية باريس في ديسمبر 2015، والتي تعهدت بعدم الإحتفاظ بالدفء “أقل بكثير من درجتين مئويتين”، ولكن أيضا على “بذل الجهود” للحد من ارتفاع درجة الحرارة إلى 1.5 درجة مئوية بحلول عام 2018.

 

وتشير العديد من الأبحاث التي أجراها دانيال ميتشيل وآخرون في جامعة أكسفورد إلى أن الفرق بين 1.5 درجة و 2 درجة سيكون هامشيا في متوسط ​​درجات الحرارة السنوية ولكن سيكون له تأثير كبير على الحد من احتمالات الطقس المدمرة مثل الفيضانات والجفاف و موجات حر.

ويتناول تقرير إوس-ووف كيف أن التغيرات في درجات حرارة الهواء والبحر ستؤدي إلى تعدد التأثيرات الثانوية في مختلف قطاعات الاقتصاد، واضافت “ان التأثيرات المباشرة للظواهر المناخية المتطرفة والظواهر البطيئة الظهور مثل ارتفاع مستوى سطح البحر من المحتمل ان تسبب اضطرابا فى العمل اليومي للنقل والبنى التحتية، وتؤثر على قيمة العقارات، وتضر بصناعة السياحة”.

 

وتعتبر دولة الإمارات العربية المتحدة واحدة من أسرع الوجهات السياحية نموا في العالم، حيث رحبت بما يزيد على 14.9 مليون مسافر في عام 2016، وتستهدف الوصول إلى 20 مليون سائح بحلول عام 2020 كما حددته إدارة السياحة والتسويق التجاري بدبي.

 

وفي حين أن هناك حاجة إلى مزيد من البحوث لإحداث تغييرات في السياحة نتيجة للمناخ (وهي حاليا ثالث أكثر الأماكن شيوعا للسائحين الذين يختارون وجهة)، فإن بعض الدراسات تتوقع حدوث انخفاض بنسبة 55 في المائة في السياحة إلى البلد بحلول نهاية القرن في حالة استمرار درجات الحرارة في الارتفاع.

الصناعات وتغير المناخ في الإمارات :

“العديد من الأصول السياحية والتراثية الرئيسية التي تجذب السياح إلى دولة الإمارات العربية المتحدة هي في المنطقة الساحلية، وسوف تكون أكثر عرضة لخطر الفيضانات المتزايدة بسبب ارتفاع مستوى سطح البحر”، كما أن ساحل البلاد ليس ذا أهمية تجارية لقطاع السياحة فحسب، بل إن مبادرة البيانات البيئية العالمية في أبوظبي قدرت أن الراحة التي توفرها موارد أبوظبي الساحلية والبحرية وحدها تقدر بحوالي 141 مليون دولار.

 

ومن المتوقع أيضا أن يؤثر تغير المناخ على موثوقية أسواق الأغذية الدولية ويؤدي في نهاية المطاف إلى زعزعة الأمن الغذائي في دولة الإمارات العربية المتحدة، وذلك وفقا لما جاء في تقرير لمبادرة البيانات البيئية العالمية في أبوظبي، أن نحو 87 في المائة من إمدادات الأغذية في الإمارات تعتمد بشكل كبير على الواردات الغذائية الدولية .

 

“من المرجح أن تؤثر شدة الأحداث الجوية تأثيرا سلبيا على مستويات الإنتاج وترفع أسعار المواد الغذائية إلى حد كبير بحلول عام 2050 في العديد من البلدان المصدرة للغذاء، وستؤثر بشكل خاص على الأسر ذات الدخل المنخفض من المهاجرين الوافدين”.

 

وأضاف التقرير أن دولة الإمارات العربية المتحدة تعتبر أيضا مركزا إقليميا رئيسيا لإعادة تصدير السلع الغذائية والإجهاد الحراري والفيضانات الناجمة عن تغير المناخ، وقد يتطلب ذلك إعادة تصدير المرافق التي ترى ارتفاع التكاليف وخسائر الكفاءة.

 

وقال التقرير إن ارتفاع المناخ في درجات الحرارة والرطوبة سيقلل أيضا من إنتاجية العاملين في الهواء الطلق ويزيد من المخاطر العامة، معظم الشركات التي لديها عدد كبير من العمال في الهواء الطلق لديها إطار مركزي للمعايير التشغيلية حيث يكون الامتثال إلزاميا والتي قد تتطلب تغييرات للتكيف مع الزيادة في درجات الحرارة المرتفعة.

 

إن مثل هذه العواقب المترتبة على تغير المناخ لن تؤدي إلى إبطاء قطاعاتها فحسب، بل ستترك أثرا سيكون محسوسا في الاقتصاد الوطني ككل والقطاع المالي، ويضخم في سياق الأسواق العالمية المترابطة للسلع والخدمات”.

 

أما على المستويات الوطنية، فإن تغير المناخ سيسبب تقلبات في العديد من الأسواق، والتغيرات في التكاليف / الإيرادات والنفقات الرأسمالية للشركات، وارتفاع معدلات اهتلاك الأصول المعرضة للخطر  أو أكثر تكلفة لضمان خاصة في المناطق الساحلية ضد تغير المناخ،ويمكن لهذه الآثار أن تضعف الأداء المالي للمدينين.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *